سطور في أتمتة العمليات

أتمتة العمليات أحد التغيرات الجوهرية التي يمكن أن تحدث نقلة في مجال الأعمال من الاعتماد على الإجراءات اليدوية أو الورقية إلى الإجراءات التقنية أو الآلية. رغم أهميته وأثره إلا أن بعض المؤسسات لا تزال تتمسك بالطرق التقليدية وسنناقش في هذه الأسطر بعض تلك الأسباب. بغض النظر عن نشاط المؤسسة ومجالها سواء في التعليم أو الصحة أو غيرها سواء أهلية أم حكومية أو في القطاع الثالث إلا أنها تتفق في قضية واحدة وهي وجود إجراءات يسير من خلالها العمل لتصل المؤسسة إلى أهدافها الإستراتيجية. حجم الإجراءات في الغالب يتناسب طرديا مع حجم المؤسسة ويمكن أن يحتوي كل إجراء على مجموعة من النشاطات.

ما هي أتمتة العمليات؟

الانتقال إلى أتمتة العمليات يتم بمساعدة وسائل تقنية متنوعة ليصبح تنفيذ الإجراءات أسهل وأسرع وأقل تكلفة وجهد على الموظفين داخل المؤسسة كما يوفر رقابة وشفافية أعلى للملاك والمسؤولين عنها، أما المستفيد فهو يبحث عن أمرين: خدمة أسرع ورضا وهذين الأمرين يمكن تحقيقهما من عدة اتجاهات منها الأتمتة. الأتمتة لا تعني الاستغناء على البشر بل تساعدهم على إنجاز أعمالهم واتخاذ قراراتهم بدقة أكبر وسرعة أكثر. الأتمتة الصحيحة تجعل البيانات المطلوبة متوفرة قبل إتمام العمليات عليها ويمكن مراقبة صحتها والمسؤول عنها وبالتالي تزيد الجودة وتقل الأخطاء مقارنة بالإجراءات التقليدية. مغادرة الموظف للعمل في الأنظمة التقليدية يعد خسارة كبيرة لأنه يعتمد عليه في معرفة سير الإجراءات والتي تكون في العادة مكتسبة من الخبرة مع ضعف في توثيقها وغالبا ما تحدث عمليات التحديث لبسا بين الموظفين وجهد كبير حتى ترسخ الإجراءات التقليدية بينما تكون التعديلات أيسر وأسهل في عمليات الأتمتة لأنها مركزية مع أهمية تدريب الموظفين عليها.

مراحل أتمتة العمليات

هناك أربعة مراحل أساسية في عمليات الأتمتة ويجب أن تكون متسلسلة لتتم العملية بشكل صحيح. الأخطاء التي تقع في هذه السلسلة تكون آثارها كارثية على المؤسسة فقد تكلفها مال كثير أو جهد كبير غير مبرر أو تصل إلى قناعة سيئة أن عمليات الأتمتة ليست ذات جدوى. المرحلة الأولى الفهم والاستكشاف ويتم حصر كامل العمليات التي يمكن أتمتتها سواء رسمية وغير رسمية ويتم التعرف على الأولوية من بين كم العمليات الكبير وما العمليات الجوهرية التي ينبغي التركيز عليها والتي تتكرر بشكل مستمر وما العمليات التي تؤثر على العميل وتزيد من جذبه ورضاه المرحلة الثانية هي جمع المعلومات التفصيلية عن تلك الإجراءات التي أصبحت في قائمة انتظار الأتمتة حسب أولوياتها وتحليها ومعرفة احتياج كل إجراء ويشمل جمع النماذج الورقية وعمل المقابلات مع المستفيدين وأصحاب المصلحة وغيرها من وسائل جمع المعلومات.  

المرحلة الثانية تؤدي إلى رسم صورة كاملة للإجراءات ومعرفة المشترك والمتفق بينها ومسؤولية الموظفين ومستوياتهم تجاه المهام. عادة ما يحتاج إلى خبراء ومتخصصين في تحليل الأعمال وإدارة إجراءات العمل للقيم بهذه المهمة الصعبة. هذه الخطوة تحتاج لإنضاج كبير وتحسين مستمر حتى تكتمل الصورة. الخبراء يمكن الاستعانة بهم من خارج المؤسسة ولو بعقود ويكون من واجباتهم التأكد أن أتمتة العمليات ترتبط مباشرة بتحقيق الإستراتيجيات وأنه لا ينبغي التسليم بكل الإجراءات التي يسمعونها، نعم هم يجمعون المعلومات لكن يحللونها بطريقتهم الخاصة فقد يضيفوا أو يختصروا بعض عمليات الأتمتة بما يحقق الهدف المقصود. من الأخطاء الكبيرة أن يتم أتمتة كل الإجراءات دون حذف المتكرر وغير المهم منها وقد وقفت على عمليات أتمتة فيها خانات للتركين وأخرى لتاريخ الميلاد مع خانة بجانبها لكتابة العمر بالسنوات في حين يمكن أتمتة كل هذه العمليات في الخلفية !!

المرحلة الثالثة التصميم وبناء نموذج مصغر يمكن القيام به من خلال عناصر بشرية لكنه قابل للأتمتة بالكامل وأقترح الاستعانة بعد الله عز وجل ببعض البرامج التقنية الخفيفة مثل حزم الأوفيس قبل بناء النظام الجديد لأنه يسهل التعديل عليها وهي غير مكلفة ويمكن إنضاجها بشكل أكبر. في هذه المرحلة أقترح التأكد من سير العمليات وفق معايير الجودة مثل الآيزو أو غيرها من المنهجيات لأنها تحسن من الأداء بعد معرفة الاحتياج ويمكن تدريب الموظفين على النماذج الجديدة مع بيان أوجه التسهيلات التي تمت لأن التغيير على البعض صعب مع أخذ ملاحظاتهم ومقترحاتهم الجوهرية وليس الانطباعية ولا ننسى كذلك تقييم تجربة المستخدم الأخير.

الخبراء يمكن الاستعانة بهم من خارج المؤسسة ويكون من واجباتهم التأكد أن أتمتة العمليات ترتبط مباشرة بتحقيق الإستراتيجيات

المرحلة الأخيرة هي التنفيذ والتطبيق وتحويل النموذج المصغر بعد الاتفاق عليه إلى نموذج حقيقي نهائي إما باستخدام تطبيقات متخصصة وخاصة أو أتمتة الأعمال السحابية أو تطبيقات إدارة تدفق العمل أو أحد التطبيقات والأنظمة الجاهزة. يمكن أخذ التواقيع إلكترونيا دون طباعة ورقة واحدة ويمكن الوصول إلى نموذج عمل يدير وزارات بلا ورق، كما يمكن الاستغناء عن الأجهزة التقليدية وجميع التكاليف التي تنفق عليها وعلى صيانتها وتطبيق مفهوم “أحضر جهازك الخاص” ليشعر الموظف بمزيد من الراحة والخصوصية والمرونة في العمل.

الأتمتة بين الضرورة والترف

أخيرا، أتمتة العمليات أصبحت ضرورة وليست ترف بل إن المستخدم النهائي يعي الفرق وإن لم يشاهد العمليات لأنه سيكون مهتم بالسرعة والجودة وكسب الرضا في ظل وجود منافسين كثر. الأتمتة لا تقتصر على الشركات الخاصة بل الحكومية أيضا وهذا توجه لرؤية المملكة 2030 وليس القطاع الثالث بمنأى عن هذا التحول.

خالد علي المرحبي، مهتم بالتقنية والابتكار وصناعة الأفكار. أتعلم كل يوم، وأحاول أن أجيب على سؤال: كيف نعيش حياة أفضل؟ يسرني أنك وصلت إلى مدونتي الشخصية، وأرحب بالتواصل معي في أي وقت.

‎مؤخرة الموقع