في عصرٍ ميزته السرعة الفائقة، وقفزة التقانة الهائلة، وانفجار دائرة العلوم العلمية والإنسانية، وما يرافق هذا التطور من تحديات لا حصر لها في مختلف المجالات الحياتية، تبرز فكرة الهاكاثون كتجمع أو ملتقى محدد بزمن يجمع المبدعين والمختصين في مجال معين للتركيز على حل أزمة، أو جواز عقبة، أو اقتناص فرصة، أو تنافس شريف. مع أن الهاكاثون فكرة فذة وعبقرية، بما تسفر عنه من إبداعات فكرية، وما تبرزه من مواهب شبابية، لكنها تخرج في بعض الأحيان عن نطاق الأهداف الأساسية التي …
Blog Posts
مع لهيب أجواء الصيف، أطلق لخيالك العنان أن تطفو على سطح الماء، ومارس معي طريقة السباحة التالية: حافظ على جسمك مستقيمًا ومسطحًا قدر الإمكان، ضع رأسك في الماء وانظر إلى الأسفل ثم أخرجه كل ثانية للتنفس. أَبقِ ذراعك ممتدًا أمامك ثم اسحب الماء نحو الوراء بيدك حتى تصل إلى مستوى الفخذ. أدخل يدك في الماء قليلًا أمام رأسك وابدأ السحب مرة أخرى، وحاول أن تكون الحركة متبادلة بين الذراعين. حرك ساقيك بحركة متتالية صعودًا ونزولًا، مع إبقاء الركبتين مستقيمتين قدر …
منذ أن عرفت الدنيا وأبصرتها، عرفته رجلاً عظيمًا كبيرًا مَهيبًا وجيهاً، نحلم به ونحلم أن نعيش معه، أوقاتنا معه هي ألعابنا وأحاديثنا معه هي أفراحنا وبقاؤنا معه هو أمنياتنا. كان ذا حلم وتؤدة وأناة، وسكينة وتقًى وزكاة، قليل الكلام كثير التأمل، بشوش الوجه دمث الخلق، يحب الفكاهة والأنس، يحبه من يراه ويُصغي إليه من يتحدث معه، مجلسه عقل وحكمة، يَفِد إليه من يرجو صلحًا أو حلًا، لم يخاصم أحدًا ولم ينقل لنا أقرانه أن حدث ذلك يومًا، وإن خاصمه أحد …
الأسف إعراب عن عدم الرضا بشيء أو مجيئه مخالفًا للرغبة ومخيبًا للآمال والتطلعات، يشعر صاحبه بحزن بحسب بعد ذلك الشيء، ويكون استعماله محمودًا إذا فارق الإنسان معالي الأمور ومذمومًا إذا قصد به الحسد وما أشبهه من المساوئ والعيوب إلا أن مقالنا يحمل مفارقة عجيبة؛ إذ كيف يجتمع الأسف مع النجاح في أمر ظاهره أنه محمود بإذن الله؟! ما النجاح؟ النجاح كلمة رنانة تتشوق لها النفوس وتنشرح لها الصدور ويمتلئ القلب فرحًا بها، يكفي أنها مطلب أهل الأرض قاطبة، يسعى إليها …
هو سفينة نوح التي بها الخلاص بأمر الله، الخلاص من طوفان الصراعات؛ صراع الحضارات، صراع الجهل والتخلف، صراع الجوع والفقر، صراع الهويات والمعتقدات، … ما خَلت من أمة ذات حضارة إلا وتعرف أنه القوة وأنه السبيل وأنه الطوق الذي تتعلق به بعد إرادة الله، وما خلت من أمة إلا ولها فيه صولات وجولات وآراء ومعتقدات. فتلك أمة أحسنت فيه الرأي فرفعها، وتلك أمة أساءت فيه الرأي فخفضها. العقول خافضة رافعة مضت سنة الله في الكون أن جعل لكل شيء سببًا؛ …
كان يدعى “يا محمد” قبل الإسلام وبعده، فيأتيه الأعرابي من أطناب باديته وهو -عليه الصلاة والسلام- في حفاوة ومنعة من أصحابه الأطهار فيقول: يا محمَّد! مُرْ لي مِن مال الله الذي عندك، فيلتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلم وهو يضحك، ثمَّ يأمر له بعطاء ولم يستنكف، و قد قال تعالى في تفصيل جميل وإثراء بديع لمن ينشد العزة الحقيقية: {من كان يريد العزة فلله العزة جميعًا} فأجمل وفصّل و فصَل ليوصلنا إلى حقيقة قد يتغافل عنها …
لا تخطأ عينيك المحدقتين بالشاشة أحاديث الناس وأسمارهم عن “اتبع شغفك” و “دلل نفسك” و “اعمل فيما تحب” و “خذ قسطا من الراحة” والكثير من وسائل وأدوات الراحة والاستجمام والتلذذ بمتع الحياة. صوت بداخلي يكمل مسلسل تلك الدراما الرومانسية فيقول لا تضبط منبهك بعد اليوم على ساعة الاستيقاظ لبدء مسيرة الكدح والشقاء، أطلق لهذا الجسد عنان التفنن في ممارسة طقوس الكسل، سلّ نفسك ومتعها بما يشبع هذا النهم المتنامي للراحة في نفسك كأخطبوط شرس يلف أذرعه على كيانك ليرمي بك …
منذ نعومة أظفاري وأنا عاشق مولع بعالم التقنية يسري في نفسي الشغف بتتبع كل تفاصيلها، فكانت التصاميم الراقية للأجهزة الإلكترونية آسرة لي، أقف أمام صورها كالمتعجب أتتبع جمال شكلها وقوة أدائها وأحلم بامتلاك جهازي الحاسب الأول. إنه العالم السحري حيث تتقافز الصور في نسق عجيب وتتلاحق الملفات دونما توقف فيخلق ذلك الزخم دهشة رهيبة للفكر وحافزا لذوي الشغف بالبحث. لن تغيب عن مخيلتي تلك اللحظة الفريدة التي خلدت أول حركة للفأرة حيث استشعرت خفتها وهي تنطلق منسابة لتفتح الملفات بنقرة …
لا يزال الزمان يهذب معتقداتنا المحدودة في كل مرة فيبهرها بكل جديد، حضارة تتلوها حضارة، تغرب الشمس عن قوم لتطلع على آخرين، فبالأمس البعيد ازدهرت صفحات التاريخ بحضارة فرعون العظيمة، التي لا تزال آثارها تشهد على عظمة البناة وتمكنهم من فنون العمران إلى يوم الناس هذا. يأسرنا جمال هذه الأوتاد بأهراماتها الثلاثة الصامدة التي لا يعرف الناس ـ إلى اليوم ـ سر بقائها وامتلاكها إكسير الخلود العجيب، كما يقف العقل القاصر مبهورا أمام عظمة تماثيلها الحجرية والذهبية وغير ذلك الكثير …
القلق من المجهول هو سر تهافتنا المسعور نحو طلب الضمانات الدنيوية وتأمين أنفسنا من نوائب الدهر وتقلباته. فللقدر تصاريف عجيبة، والمجهول الأكبر في نظر الجميع هو المستقبل الذي يحمل لنا غير القليل مما ينبغي الاحتياط له. من هذا المعتقد القاصر قصور عقولنا اتجهنا إلى التزود بكل شيء يؤمننا ويمنحنا إحساساً وهمياً بطمأنينة لحظية، ذلك الذي يجعلنا حريصين كل حرص على كسب كل شيء نظن من شأنه إبعادنا عن المكاره والشرور، وهذا كله يندرج ضمن إطار السعي المشروع، ومن هذا السعي …
إن متعة التفكير وثماره الإيجابية أبلغ أثرا على النفس من راحة يتلوها دمار وفراغ روحي رهيب، كما أن راحة العقل وانصرافه عن التفكير والتحليل هو تضييق يجعل من مساحة الاختيارات مجالا محدودا، ويقلل عليك البدائل رغم أنها قابعة في ركن مظلم من عقلك لم تنجح لتكاسلك أو تخاذلك في جرها نحو منطقة الضوء، وهذا ما يجعلك في نهاية الأمر فريسة سهلة لأصحاب الثنائيات الضدية. أوهام هذه الفكرة -الثنائية الضدية- من أكثر الأفكار التي يتكئ عليها أهل الشر لينفثوا شرورهم السامة؛ …
هذه الساعات مرة في فمي، تتدحرج الذكريات في هاوية لا قاع لها، لا الوجع الضارب في أعماقنا يكفكف ألم الرحيل، ولا الدمع يخفف لوعة الفقد، ولا الطيف العابر يسكن ذلك الوجد. للموت هيبة وجلال يصرخ في مسامعنا حين نصحو على فقدان صديق، وأي صديق أصدق منك يا صلاح، لقد أثارت فاجعة رحيلك غصة في الحلق وانكماشا لصفحات حياتك المشرقة وذبولا لوردك الذي بثثته بين جوانحنا، وإذا اجتمع في المفقود المروءة والإحسان وبشاشة الوجه ورقة القلب وحب الآخرين وكرامة النفس وبسط …
تابعني